إصدارات

“أصافح ظلي” لحسين مقبل.. وجع المنفى إذ يفجر الكلمات

عمّان-

“وأنت تمر على جثتي اقرأ الفاجعة،

وأقرأ خدوش الزمان

على جبهتي

واعزف بكاء الثكالى على شكل ناي

واحذر من الصرخة الراجعة”

هذا المقطع الذي اختاره الشاعر اليمني حسين مقبل على الغلاف الأخير لمجموعته الصادرة عن “الآن ناشرون وموزعون” بعمّان بعنوان “أصافح ظلي” ويشتمل على 46 نصا شعريا يتناول فيها الغربة والشوق والألم والحب كمفردات تنبئ عن سيرة الذات.

وفرد الشاعر الكثير من المساحات لوطنه ولمدينة صنعاء واليمن التي لا تغيب عنه، مازجا بين الأنثى والمكان بما يجمع بينهما من روح تذكر بالأمل الذي يرتسم عبر الحلم.

أراكِ بكُلِّ مكانٍ أمرُّ بهِ 
وفي كلِّ زاويةٍ لا يلاحظها العابرون،
أراكِ ملامحَ كلِّ وجوهِ النساءِ 
ولونَ الربيعِ 
وضوءَ المصابيحِ 
أصواتَ أوراقِ فصلِ الخريف.

أراكِ المدينةَ في كلِّ حالاتها
وأراكِ بسُكَّانها المفعمين بحسنكِ، 
في كلِّ فرضٍ يقامُ ….


يكتب عن المرأة والوطن والذات التي يترك عليها الشوق جراحه، وخدوشه التي تشبه صوت الناي الحزين، ولكن ذلك الصوت حينما يحبس في الأعماق يمكن أن يتحول إلى انفجار.

يقدم الشاعر اليمني الدكتور عبدالعزيز المقالح المجموعة التي تقع في 102 صفحة من القطع الوسط لافتا إلى “تجليات الشاعر اللغوية والأسلوبية” واصفا المجموعة بأنها “تذهب إلى ما بعدها من قصائد أعمق شعرية وأكثر التصاقا بالعنوان “، الذي ينطوي على الغربة التي يعيشها الإنسان والحنين الذي يعتريه لأقرب ما يكون منه، ظله، فيسعى للاقتراب منها في الحلم.

هو المنفى أو الغربة التي تفجر الكلمات وتصبح شظاياها كحرف الزجاج، ولكنها الكلمات الطرية والطازجة التي تذيب الزجاج ليتشكل في أيقونات الحب والشوق على شكل اسفنج ويتمثله الشاعر في  كل ما يراه صورة للوطن.

مطرٌ 
وموسيقى تُعزف في صدري، 
تترمَّدُ الروحُ كقطةٍ جميلة 
في سرير الصباح 
تبحث عن دفء، 
تتكوّر 
إلى أن تصبح كقطعة إسفنج.

في مجموعته الأولى، يكتب الشاعر على جسد روحه عبارات الألم التي يراها في الوطن الذي تجرحه معاناته حين يرى صنعاء، أو يتراءى له وهو يسير بعيدا عنها، فتلاحقه بأنينها التي يتحول معها إيقاع الحياة إلى مشهد تراجيدي، ويمسي الحزن فلسفة يعيد الشاعر ترتيبها في نبض القصيدة.

أنا جرحٌ توغّلتُ في جيوب ذاكرتك، 
أمضي إلى جنازتي بخُطىً مرتبكة
وأحملُكَ معي بعضَ زهرٍ وماء ..

في مجموعته “أصافح ظلي”، ينسج الشاعر حكاياته بمقاربات لا تبتعد عن الذات التي يثقلها الحنين والوجع والشوق والانتظار الذي يبدده بالأمل، كما قال الشاعران عبدالله البردوني، وعبد العزيز المقالح:

يوما تغنّى في منافينا القدر

لا بد من صنعاء وإن طال السفر.

شعر

مِظَلَّاتٌ لِلْهُبُوط / شعر محمد الناصر شيخاوي ـــ تونس

 
تَسَاقَطَ عَلَى الْأَرْضِ
كَطَيْرٍ جَرِيحٍ
أَلْقَتْ بِهِ السَّمَاء
تَمَدَّدَ
نَزَعَ عَنْهُ حِذَاءَهُ
وَضَعَ السَّاقَ عَلَى الْأُخْرَى
أَشْعَلَ سِيجَارَةً
وَ أَوْقَدَ فِكْرَة
مَنْ يَسْكُنُ تِلْكَ الْبِقَاعِ الْبَعِيدَهْ
تُرَى هَلْ هُوَ مَشْغُولُ الْبَالِ
مِثْلِي
وَ هَلْ فَكَّرَ فِي الْأِنْتِحَارِ
مَرَّهْ
هَلْ لَدَيْهِ عَمَلٌ
وَ إِنْ كَانَ
هَلْ يَكْفِيهِ الرَّاتِبُ الشَّهْرِي
لِيُهْدِي حَبِيبَتَهُ
كُلَّمَا عَادَ إِلَى الْبَيْتِ
زَهْرَهْ
وَ أَنْ يُدْلِي عِنْدَ اللُّزُوم
بِصَوْتِهِ الْحُرِّ
فَلَا ظُلْمَ وَ لَا قَهْرَ
هَلْ وَ هَلْ وَ هَلْ  ؟ 
عَجَبًا
كَيْفَ تَشَابَهْنَا فِي أَصْلِ الْخَلِيقَةِ 
وَ لَا يَكُونُ لِي حَظٌّ فِي الْحَيَاةِ
مِثْلَهْ
أَيَعْرِفُ مِنْ بِلَادِي مَا لَا أَعْرِفُهْ
يُسَافِرُ كُلَّ عَامٍ
وَ لَا أُغَادِرُ وَجْهِيَ مَرَّهْ ؟!
تَنَهَّدَ الرَّجُلُ
كَمَنْ يُرِيدُ أَنْ يُنْهِي حَدِيثًا
و فَجْأَةً قَامَ
تَأَبَّطَ حِذَاءَهُ وَ انْصَرَفَ
تَارِكًا عَلَى الْأَرْضِ 
ظِلَّهُ وَ ذُلَّهْ 
انْتَهَتْ يَا سَادَتِي الْحِكَايَهْ
نِصْفُ حَقِيقَةٍ مِنْ رِوَايَهْ
لِمَلَايِين الْأسَارَى
وَ السَّبَايَا.

مقالات

حصريا…” بوتفليقة رجل القدر” للكاتب والإعلامي عبد العزيز بوباكير

في أول اطلاع سريع على الكتاب الذي طالب محامي اللواء خالد نزار وزير الدفاع السابق بوقف طبعه …..قراءة على صفحات كواليس لعدد الغد.

أول نسخة للإعلام والجمهور من مطبعة دار الوطن مباشرة.
” لا يلام أحد لسقوطي ، لقد كنت العدو الأول لنفسي والسبب في الكارثة التي جلبتها عليها”
نابوليون بونابرت
بقلم : مصطفى بوغازي
“بوتفليقة رجل القدر” للكاتب والاعلامي الكبير عبد العزيز بوباكير هذا الكتاب الذي أثارضجة كبيرة في الوسط الاعلامي والسياسي ، كما أثار فضول القراء وتحمسهم الكبير للاطلاع على محتواه نظرا لوزن كاتبه في الساحة الاعلامية فهو كاتب مذكرات الرئيس الراحل الشادلي بن جديد والذي ينتظر صدور الجزء الثاني منها باللغتين العربية والفرنسية هذا الجزء الثاني الذي ظل يعاني من عراقيل تحول دون صدوره لاهمية ما تطرق اليه الرئيس الراحل في فترة حساسة من اخر سنوات حكمه وما تنطلي عليه هذه الحقبة من اسرار كثيرة ظلت طي الكتمان وهي تصيب بشظاياها الكثيرين من صانعي القرار، لتكون اصدارات عبد العزيز بوباكير في كل مرة صدمة تتوزع على أرصدة السياسين والعسكرين على حد السواء ، يترقبونها بتوجس وينتظرون انزلاقات المفاجأة بين سطورها مثلما حدث مع كتاب ” بوتفليقة رجل القدر” الذي لم ينتظر وزير الدفاع السابق خالد نزار فرصة الاطلاع حتى كلف محاميه أن يوجه اعذارا لمدير دار النشر الوطن اليوم الكاتب الصحفي والروائي كمال قرور يطلب منه توقيف طبع الكتاب على أساس أن اسم موكله ورد في سياق ما تضمنته سطوره ، هذا الذي قد يؤذي الجنرال المتقاعد ، ومن باب الفضول الذي ظل يؤرقني اتصلت بالصديق مدير الدار ملحا على تمكيني من نسخة ليلا ، ليخبرني أن الكتاب مازال في مرحلة اللصق، لاقف صباحا على عتبة المطبعة واستلم أول نسخة للاعلام والجمهور.
صدر الكتاب في حجم متوسط من سسلسة الفنك للكتب بمحتوى مئة وخمسة وعشرين صفحة توزعت على ثلاثة وعشرين مقالا بعناوين مؤثرة وصادمة ومحزنة في نفس الوقت ، في هذا الكتاب وبعنوان “الاخوة الاعداء” يعرج على كتاب محمد بن شيكو ” بوتفليقة بهتان جزائري “الذي استند على مصدر أساسي في كتابته وهو الشريف بلقاسم ، فكان له من ظلم المخلوع بقوانينه الكاتمة للحريات ما زج به في غياهب السجن وهنا يحيلنا عبد العزيز بوباكير إلى معلومة مهمة وهي أن ماجاء فيه كان يمكن أن يكتبه باللغة العربية إذا ماوافق الشريف بلقاسم على ذكر المصدر من حرص بوباكير على المهنية والاحترافية ، ومنه نجد أن عبد العزيز يجد في سيرة بوتفليقة خامة مهمة نظرا للجدل الكبير والهالة التي ظلت تحيط هذا الرجل بتناقضاته ومكيافيليته وغموضه ونرجسيته وأخيرا انتقامه من شعب بأكمله فجره إلى برثن الفساد والانسداد والاحباط على جميع الاصعدة .

صناع الرؤساء:

يذكر الكاتب بأن صناع الرؤساء في الجزائر يختلفون عن غيرهم ، ويتميزون بحرفة خارقة قائمة بذاتها في أقبية الحكم المظلمة حيث يورد ” صناع الرئيس في بلادي ينشطون في مواسم الصيف المتعفنة ويعيشون بلا أسماء كالخفافيش في الظلام ، ولا أحد يعرف وجوههم …..لكنهم يجهلون شيئا واحدا ، وهو أن في السياسة لا مكان للملك وصناع الملك في آن واحد ، ولا مكان للرئيس وصناع الرئيس في الوقت نفسه .
بوتفليقة الفرانكوفوني والمصالحة مع فرنسا :

من سقطات بوتفليقة التي لا تغفر له أنه أعطى ظهره للشعب وجعل مستعمر الامس حليفا وقبلة فيذكر الكاتب عبد العزيز بوباكير كيف وافق بوتفليقة على حضور قمة الدولة الفرانكوفونية وهي رسالة صادمة للشعب والتفافا على تضحياته الجسيمة ” فحين صعد إلى المرادية قال للجزائريين : تفتحوا على لغات الأقوام الأخرى . ثم جسد تفتحه بالحديث باللغة الفرنسي في كل المناسبات وفي غير مناسبة “وفي مقال آخر يذكر كيف استقبل ديغول الوزير الشاب بوتفليقة سنة 1963 حيث كان من المقرر ان يدوم اللقاء نصف ساعة ، لكنه استمر ساعتين ليخرج ديغول قائلا : ” هذا الشاب يريد لنا خيرا”

جيسكار ، بومدين ، بوتف. ولاء أعمى وخذلان لزعيم في أيامه الأخيرة:

يورد الكاتب عبد العزيز بوباكير أن جيسكار آخر الدغوليين الذي ظل استقلال الجزائر علقما يجتره وغصة تسكن حلقه كل حين وكيف استقبل في الجزائرمطلقا عبارته ” فرنسا التاريخية تحيى الجزائر المستقلة ” و ذلك في أفريل 1975 ليرد عليه هواري بومدين ” لقد طوينا الصفحة ولم نمزقها ، لكن الجزائر هي صنيعة التاريخ” لكن في أيامه الأخيرة وفي سكرات الموت يخذله بوتفليقة ليمر بالاجواء الفرنسية أثناء العودة من موسكو ويرسل برقية إلى جيسكار الذي كتب في مذكراته ص 43 : هو نشط ، لبق جريء ن كان يغيب عن الأنظار طول أسابيع ، دون أن يترك أثرا ، كان يحدث له أن يأتي إلى باريس خفية وخلسة دون اطلاعنا ، كان ينزوي في شقة بفندق فخم تتردد عليه نساء أنيقات ، وهناك من يؤكد أنه يحمل شعرا مستعارا ” كلام جيركار ديستان .

النفط لأمريكا ، والثقافة لفرنسا والولاء للمملكة المتحدة :

يرى الكاتب أن بوتفليقة قام بمؤامرة عملية علمية على شعبه حيث سلم النفط لامريكا وارتمى في حضن الفرانكوفونية بالحضور في قمة الدول الفرانكوفونية والتمكين لفرنسا لغة وثقافة ، محاولا تكريس مصالحة تاريخية ، على حساب ارادة الشعب وتضحياته وقيمه ، دون شرط أو قيد ، ليغازل التاج البريطاني في مناسبات عديدة ، مقدما الجزائريين كرعايا طيعيين يمكنهم الانضمام إلى الكومونولث دون عقد، كل هذه الامثلة تدلل قابلية الرئيس للتبعية وجر الشعب معه والاهم أن يتمسك بسدة الحكم و بمباركة من أصحاب الولاء.

اعذار محامي اللواء خالد نزار والتهديد بمقاضاة دار الوطن اليوم على خلفية كتاب ” بوتفليقة رجل القدر “

لم أشغل نفسي بالبحث عن ماذهب إليه محامي اللواء خالد نزار ووزير الدفاع السابق ، بل واصلت القراءة بشكل طبيعي يشدني أسلوب الكتاب وبعض المقالات سبق أن قرأتها على صفحات عبد العزييز بوباكير فأنا متابع دائم لم يكتبه ، وامامي لوحة المفاتيح واهتمامي منصب على كتابة هذه السطور للقارئ ولم يسعفني الوقت لاحيط بكل ما جاء في الكتاب ،واكتفيت بالتركيز على مقالات بعينها ، وقد مررت على ورود اسم اللواء خالد نزار لكنني أترك الفرصة للقاريء ، ولرجل القانون محامي اللواء وغيره إذا وجدوا ما يقضي بادانة الكاتب أو وقف طبع الكتاب أو مصادرته ، والذي يستحق التقدير هو الحراك الذي سمح لنا أن نتمتع بقراءة مثل هذا الكتاب وما تضمنه من مقالات فكرية ، واضاءات ساطعة في فضاء من الحرية يمجد قيم الانسان بعيدا عن الوثنية السياسية وتأليه البشر من شاكلة هذا الذي راى نفسه رجل القدر وهبة الحكمة الالهية التي ولته على الاعناق والارزاق.

شعر

متتاليات /شعر فتحي مهذب ـــ تونس

            

تضيئان الممر الجبلي
أنت والقمر .

ا************

ساعة معطوبة
يدق بدلا منها
قلب اللص .

ا************

أيها النوم
في انتظار عبورك مسافران
عيناها المتعبتان .

ا*************

أوركسترا صراصير
تحت شباك الأرملة
النجمة راقصة باليه .

ا**************

ضفدع نافق
بجوار الكنيسة
يا لجناز الجدجد .

ا**************

غلاصم الأسماك
تصعد رائحة الغرقى
باتجاه المراكب .

ا**************

في الحديقة
ناداه برعم ضاحك :
أدن يا أبي .

ا**************

في الحديقة
الأشجار القليلة تساوي
ما بقي من عمري .

ا**************

مطر
يرافقه الى المدرسة
الطفل الضرير .

ا*************

حبات القمح
تجأر بمرارة في المطحنة وداعا
يا بيتنا الجبلي .

ا*************

دموع الأسلاف
في الجذور المهشمة
رفقا يا حطاب .

ا**************

أسرعي أيتها البزاقة
الطريق الى الضوء
مليئة بالرهائن .

ا**************

أخر السهرة
تفتح النار على أذني
بعوضة متطرفة .

ا*************

حين هاجمها 
المطر اختفت بين أصابعي
الفراشة .

ا*************

موحش هذا
الفراغ الذي كان ممتلئا بظلالك
يا شجرة .

ا*************

في المشرحة
يتهجى أسماء الموتى على ضوء
دموع الشمعة.

ا**************

بريد المطر
وحده الضفدع العجوز
يئن كأرمل .

ا**************

ضوء
عتمة
ضوء .

ا**************

على فوهة المدفع
لم يمسسه سوء
بيت العنكبوت .

ا***************

صليبي على ظهري
وجرحي زورقي وعمق المدى
نهري (ومنه تدفقي) .

ا***************

ماذا تصنعين
أيتها النحلة في المقبرة
بصوت أجش؟

ا**************

على أديم الأرض
جنازير وجنود عميان
رفقا برفات الأسلاف .

ا**************

الفراشة التي يلاحقها
تانيقوشي بوسون
بعينيه القناصتين
ليست إلا برعما .

ا**************

أول الفجر
في طريقه إلى حجرة النوم
قمر متعب جدا .

ا***************

الكوخ المهجور
الفراشة التي تئز بهشاشة
ليس إلا روح باشو .

ا****************

في أذار
يحصي الأرمل فساتين زوجته
بعينين ذابلتين .

ا**************

ملأى جيوبه
بسيقان الحشرات طفل 
مقطوع الساق .

ا***************

نواح الجدد
على مساحة خمسين
زفرة .

ا***************

في ألبومها
جواد فارس أحلامها
دائم الصهيل .

ا**************

قطعوا
كل أغصانك الا غصنا واحدا
قاوم حتى الموت .

ا***************

حرب شوارع
كل بعوضة مدججة
بحزام ناسف .

ا***************

أخر النهار
قلب المومس يضيء
الحشرات تدق الباب.

ا**************

الراعي
على ايقاع نايه تغفو
شجرات السرو.

ا،**************

من اللكمات
كم تلقيت وكم أزعجوا
روحك يا باب .

ا**************

أمام باب 
المشرحة سمعنا الريح
تخاطب الأموات .

ا**************

كم أنت مدينة
الى باشو يا ضفادع
البركة .

ا**************

دقات قلب 
المطر لا تنامي الأن
يا براعم البرقوق .

ا*************

ماذا يقول
طائر الغاق في الأعالي
المطر المطر .

ا*************

يشبه الهايكو
في مشيته القصيرة
حظ الشاعر .

ا**************

القمر ذاته
الذي أضاء كوخ باشو
يضيء صومعة الشاعر .

ا***************

ذهابا وايابا
حفلة تنكرية لقطاع الطرق
النمل الأحمر .

ا،***************

الى الشاعر الكبير
Nasser-Edine Boucheqif

الله مضيء جدا
أعلى من صرخات الطيور
في ساحة الشهداء .

ا***************

حذاء الجندي
مقطوع الساق تلبسه
نبتة الفاصوليا.

ا**************

رغم براهين
الفراغ لم يزل يطارد
عطرها الفاخر .

ا**************

رغم زئير 
الحتميات لم تغير ثوبها
زهرة الأقحوان.

ا***************

في بيتنا
كلما انكسر مصباح تضيء
شجرة برقوق.

ا***************

أنقاض
معبد روماني لا تعني شيئا
لطائر الواقواق .

ا,***************

القميص
الذي يلبسه الغراب
من تصميم الليل .

ا*****************

ضباب العام
الفائت لم يغادر حديقة جارنا
الضرير .

ا**************

مجرى الماء
كم عذبك الترحال
يا ورقة .

ا***************

ما بقي من سواد
في حديقة رأسي غيبته
ندف الثلج .

ا***************

صفير عيدان
الخشب في المدفأة
الأسلاف قادمون .

ا***************

البتلات المنكسة
أخر أيام العجوز
في المنفى .

مقالات

باعونا الوهم و أضاعونا الطريق/ العربي الحميدي ـــ المغرب

في أي بيئة ثقافية نحن؟

سؤال يتردد على دهني كلما قرأت موضوعا أو خبرا أو شاهدت حوارا أو نقاشا تلفزيا، من  نخبة تدعي أنها مثقفة، وإنها ضمير المجتمع وحاملة هم تنويره، وتوعية طبقاته المقهورة من سطوة الجهل.

إن ما يشاهد على بعض الشاشات من نقاشات يقل فيها أدب الحوار ناهيك عن اناة المعرفة المطلقة، وما يقرأ في بعض الصحف من آراء وشعارات تعد عبثا، عبث أهواء تسير في اتجاه واحد الا و هو اللامعنى. من  تزوير الحقائق بأفكار منسوخة ممسوخة وآراء هلامية.

إن عشوائية الأحداث في منطقتنا العربية تظهر مدا فداحة الكارثة التي نعيش فبها، من تخبط وتيه على جميع المستويات. حيت لا يوجد أي استثناء ولو بسيط..

إذا كان في البيئة الثقافية يحدد مصير ازدهار مجتمع أو ضياعه. ان هاته البيئة اليوم ومع كامل الأسف لفتها موجات ضبابية تحجب رؤية الحقيقة. حقيقة ما يتخمر في حياتنا اليومية من تناقضات، ولما يقع من تحولات وما يحدق بها من أخطار من داخلها ومن خارج محيطها. ومرجع ذلك للاستهتار وعدم الشعور بالمسؤولية.

إن بعض المثقفين الذين يكتبون في وسائل الإعلام والمنتديات الثقافية عربية أو غير عربية من بين الأسباب التي ساعدت في الإخفاقات مع وجود النزاعات والصراعات المعاشة في مجتمعاتنا. كل هذا ناتج عن سياسة العجز في تصحيح المسارات التي نحن فيها.

إذا كان العذر بالأمس مقبولا بذريعة الحرب الباردة بين كثلتين مختلفتين في الأيديولوجية. فما هو العذر اليوم الذي أدخلنا متاهات لا حصر لها. والتي قتلت الحلم الذي راودنا مند الطفولة من ستينيات القرن الماضي. حلم وطن عربي موحد أخويا وفكريا وثقافيا واقتصاديا وسياسيا.

هناك أسئلة كثيرة عن سبب هاته الانتكاسة، لكنها ستضل بدون جواب. لأنه لم يعد الفكر الأخلاقي مقياسا، ولأن ثلة من المثقفين فعلا أصبحت مكبلة بحب ذاتها وتوافقت مع النفاق والانتهازية.

وفي هذا الإطار أود أن أعطي مثلا واضحا علي التناقض الذي تعيشه الدول العربية من المحيط إلى الخليج حول قضية استكمال المغرب لاسترجاع أراضيه التي كانت مغتصبة، ماهي ردة فعل الأشقاء مند  سنة  1975 الى يومنا هذا. سؤال آخر بدون جواب…!

يكفي أننا أصبحنا ننعت بالسداج فكريا.  حين انقسم المثقفون إلى نوعين ولا أقول قسمين.

ما يسمو بالتنويريين  القادمون من الغرب والحاملون  شعارات الحرية والمساواة والتسامح والعقلانية، فقيل إنهم يحملون الفكر الغربي الهدام.  والآخرين  ما يسمو بالانعزالين و الانغلاقين و المتشبثون بالتقاليد والمفاهيم البالية.

فأصبح الصراع صراعا هوياتي و ديني ومنفعي أكثر من أي شيء آخر.

لقد باعونا الوهم  و أضاعونا الطريق.

مقالات

نيجيرفان برزاني والمرحلة الراهنة / عصمت شاهين دوسكي ـــ العراق

المرحلة الراهنة تحمل الكثير من الأحلام والآمال والأهداف والتغير والتطوير والإبداع وفي نفس الوقت تناقضات وتجليات بعيدة المدى وغائرة العمق وتحتاج إلى صبر وحكمة في الإدارة والسياسة ، السيد نيجيرفان برزاني الرجل المعاصر لأزمنة عديدة سياسيا وفكريا والمميز في قيادة هذه المرحلة العصرية الراهنة في مسيرة الشعب الكوردي فعلاقاته راقية مع دول الجوار ومع المركز ومع غالبية الأحزاب السياسية العراقية والدولية ، بمبادرات استراتيجية في إنعاش الاقتصاد وتحسين المستوى المعاشي وإتباع سياسة  تنمية فكرية وعملية وتعزيز العلاقات مع المجتمع الدولي ، يجيد اللغات الكوردية والفارسية والإنكليزية والعربية ، وحينما يكون شخصين مميزين في سدة القرار الكوردستاني ” نيجيرفان ومسرور برزاني ” لا بد الأنظار المحلية والعراقية والدولية تتجه إليهم خاصة في هذه المرحلة الصعبة فالأغلب ينتظر تغيير في مجالات مختلفة ظلت راكدة اقتصاديا وسياسيا وزراعيا وسياحيا وثقافيا بالإضافة إلى حسم العلاقة مع المركز لتأمين مصالح الشعب في العيش الكريم وتوحيد مختلف الآراء والتفاهمات في ما يخص المالية والتعامل التجاري ومنافذ الحدود ورفع التجاوز من قبل بعض ضعاف النفوس ممن يستلمون رواتب عديدة ” المتقاعدون في تسميات مختلفة والمسجونين السياسيين والرعاية الاجتماعية  ” ودفع الحيف عن المتقاعدين الشرفاء وتعديل رواتبهم ، وتفعيل النشاط الاقتصادي وإيجاد وخلق فرص عمل جديدة وتعيين الخريجين في مشاريع صناعية ،زراعية ، سياحية ، ثقافية ، إنتاجية ، والقضاء على ظاهرة الهجرة الشبابية والعقول الفكرية والأدبية والعلمية والصناعية وتشجيع الكفاءات للعودة إلى كوردستان  للاستفادة من خبرتهم في كافة المجالات والاستعانة بخبرات عالمية متطورة في الإدارة مثلما فعلت الإمارات في الاختصاصات الحكومية والاهتمام بقطاع التربية والتعليم الحكومي من رياض الأطفال إلى الجامعة  فقد أثقلت الأعباء المادية كاهل الفرد في التعليم الأهلي وأصبح حملا ثقيلا من خلال الكلفة الباهظة للرياض والمدارس والجامعات الأهلية مما أدى إلى تدني الكفاءات والمستوى التعليمي والفكري في القطاعين التعليمي والصحي حيث معظم العمليات الصحية تجرى في الخارج تركيا والهند وغيرها من الدول رغم في السابق كانت معظم الخبرات والكفاءات التي ذاع صيتها كانوا من خريجي القطاع الحكومي الرسمي فالتوجه للأعمال الحضارية والاهتمام بالمدارس والمعاهد والجامعات  وتثمين دور العلماء والمفكرين والاهتمام بالشعراء والأدباء والترجمة والعمران والبناء والمستشفيات والتجارة والصناعة والتنظيمات الإدارية والجيش والعدل  ،والعدل الاجتماعي وممكن الاستفادة من الحضارات الأوربية خاصة عصر النهضة الصناعية والفكرية المتجددة التي أدت نتائجها إلى ما هو عليه الآن من ثورات تطويرية متقدمة واحتواء عدة ثقافات عالمية مما يجعل قوس قزح يعم بألوانه الثقافية على الحضارة الإنسانية مما كان دور الأدباء والمفكرين والعلماء بارزا حيث ساهموا في البنية الأساسية وحرية الفكر العلمي والثقافي الذي يضمن للإنسان كرامته وحقوقه الإنسانية لبناء حضارة إقليمية إنسانية فلا تقدم ولا حضارة في أي مجال كان دون أن يكون للمفكرين والعلماء والأدباء والشعراء والفنانين دور مهم في تجسيد صورة الحضارة الراهنة للدولة والمجتمع من خلال التركيز والاهتمام بالمناهج العلمية والعملية والتربوية والتسامح الديني والحرية الشخصية وضمان التوجه التجديدي نحو الإنسانية الراقية وبث ثقافة الحياة والجمال والتقدم والإبداع وهي أسس وخطوات في المسار السليم لبناء الدول التي تحلم بالسمو والارتقاء وليس هذا بعيد  بوجود قيادة نضالية شابة بتولي السيد نيجيرفان برزاني على رأس السلطة سياسيا وروحيا وفكريا وثقافيا .

شعر

فَيْضٌ مِنْ غَيْظٍ / شعر محمد الناصر شيخاوي ـــ تونس

أَعْدَاؤُكَ مَسْخٌ 
مِنْ نَسْل مَسْخٍ بَغِيٍّ 
فَإذاَ آنَ الْأوَانُ و حَلَّتْ 
سَاعَة الصِّفْرِ و دَقَّتْ 
طُبُولُ الْمُوَاجَهه
فاِقْتَبِسْ مِنْ رُوحِي شِهَابًا 
وَ اقْذِفْهمْ بِهِ 
مِنْ فَرْطِ غَيْظٍ يا أَخِي 
رُوحِي غَدَتْ 
قُنْبُلَهْ … 
قُنْبُلَهْ … 
قُنْبُلَهْ …

دراسات

ماذا تبيع يا ولدي ..؟ للشاعر عصمت شاهين دوسكي /قراءة الصديق الأيسري ـــ المغرب

* البدايات السليمة تبني وطنا سليما .

* كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته .

* القصيدة صراع حقيقي بين الأخلاق والماديات .

ماذا تبيع يا ولدي ..؟ يستهل الشاعر بعنوان القصيدة وهو جملة استفهامية عميقة الأثر ولها أبعاد إنسانية ، هنا طرح الشاعر سؤالا وجيها يبحث له عن جواب و تفسير لسر أربك مخيلته ووضعه في حيرة ، تائها ضائعا بين ألف جواب وحل، سؤال وجه بالخصوص للولد وهنا بالضبط بيت القصيد فاختياره كان مقصودا لا عشوائيا أو فوضويا ، مما لا يخفى علينا أن الشاعر ابن بيئته مكسو بغطاء الإنسانية فقد تم تعيين الولد لسببين الأول هو من جنس الذكر و ليس الأنثى لأن المجتمع الذي تقع فيه الأحداث هو مجتمع محافظ فالذكر هو المسؤول عن معظم الوقائع فربما الشاعر يذكرنا بالمساواة بين الجنسين حيث أن المقابل الذي يجمع الجنسين هو الطفل وهو لم يستعمله الشاعر رغم أنه يملك درجة علمية و لغوية كبيرة و يتقن جيدا مفاهيم حقوق الإنسان ، والسبب الثاني هو المرحلة العمرية فكما يعرف في المواثيق الدولية فالطفل هو كل شخص لم يتجاوز سنه الثامنة عشرة فلهذا اختاره الشاعر لكي يذكرنا بحقوق الطفل  التي ضاعت ونسيت وأهملت وأصبحت الحقوق مجرد حبر على الورق خاصة في زمن الحروب والكوارث والأزمات حيث يتاجر بالأطفال ويباعون في أسواق العالم ،وهنا المهمة التي يقوم بها هي البيع التي تدخل في نطاق اقتصادي بالعمل والشغل ويظهر سؤال عن السن القانونية للشغل فكيف يعقل لولد لم يتجاوز سن العمل أن يعرض بضاعته في الشارع العام وهو سيكون عرضة لعدة مشاكل تربوية و خلقية وهو الذي لم يفقه بعد أي شيء عن القوانين و المعاملات التجارية والشاعر يلمس جوهر المشكلة حينما يصور الطفل في مكان غير مكانه الحقيقي . 
يعد الأديب والشاعر عصمت شاهين دوسكي من الأدباء المرموقين الذي تحمل قصائده أسئلة وتفسيرات ذات حمولة إنسانية فهو يملك الحدس وقوة البديهة في جعل المتلقي يستسيغ بوادر الشاعر من أجل الرقي بالإنسانية وتقدم المجتمع على أسس متينة يسودها المساواة والعدالة الاجتماعية فربما هذه القصيدة ستكون جرس رنان مؤثر في عالم النسيان الذي سيوقظ الضمائر الحية والعقول النيرة لبناء مجتمع تقدمي بعيدا عن الظلم والظلام . 
استهل الشاعر قصيدته بماذا يبيع الولد ..؟ وكل شيء قد تم بيعه في سوق الظلم والاستبداد باعوا الجبابرة معظم الأشياء باعوا الأخلاق باعوا ضمائرهم باعوا الإنسانية ، وحده هذا الولد وجه البراءة الذي يحمل في كيانه قلبا طاهرا خلوقا ، نقيا ، نبيلا لا يعرف للخداع والغش والنفاق طريقا لنفسه فهو مازال صفحة بيضاء لم تدنس بعد بالشر والبهتان والكذب والفساد والأنانية والطمع والجشع ، هؤلاء الحثالة من الناس التهموا الأخضر واليابس فلا يملكون لا أخلاق ولا قيم يعيشون بدون مبادئ وقد أعماهم الطمع والجشع حتى العشق باعوه بلا ماعون فالكراهية هي عملتهم والاحتقار هي تجارتهم والظلم هي أحكامهم. 


(( ماذا تبيع يا ولدي …؟
الجبابرة باعوا كل شيء
حتى العشق باعوه بلا ماعون)) .


في زاوية الدار جلس الولد يبيع سلعته فهو لا يملك القدرة على البيع بعيدا عن أحضان والديه فالمجتمع و الشارع بالنسبة لعمره هو غابة مفترسة فما زال قلب الولد يحمل بين جدرانه جينات الفطرة من الحنان والمحبة وكل غريب يدنو اليه تزداد نبضات القلب وسرعة دقاته خوفا من المجهول فهو يسوده دوما الحيطة والحذر لشدة الخوف والهلع من أي شخص يكون بعيدا عن محيط الدار، ترك الولد والديه في المنزل يتخبطون في الفقر المدقع والحاجة الكبيرة لشخص ” الولد ” يسد رمق جوعهم فلذا ضحى الولد بطفولته وسعادته ليحمل الابتسامة للأهل والأحباب فامتهن البيع ربما يسترد دراهم معدودة ليشتري كل ما تشتهيه نفسه لإطعام أهل الدار ويزيل عنهم آفة و جنون الفقر والحاجة التي يجب أن يوفرها  المعنيون بالعدالة الاجتماعية ” فكلكم راعي وكلكم مسؤول عن رعيته ” . 


(( ماذا تبيع يا ولدي 
في زاوية الدار …؟
فالفقر يجري فينا كمس مجنون
ماذا تبيع يا ولدي
في ( صينية ) الزاد …؟
ألم يبقى طعام في البيت ليأكلون ..؟ )) .


الكل في البلاد قد تم بيعه الأخلاق والقيم و المبادئ اندثرت من المجتمع حتى الضمير الذي يعتبر الملكية الشخصية لكل واحد قد تم التنازل عنه في سوق الجشع و الطمع ، تضمحل الضمائر والطهارة دنست بفعل هذا العالم المادي الذي يعيش في عقول البشر ويلتهم كل ما هو جميل ونبيل في نفوس الناس .


(( ماذا تبيع يا ولدي 
لم يبقى شيء في البلاد لم يباع
حتى الضمير المكنون …؟ )) .


الشاعر عصمت شاهين دوسكي لا يترك أي حركة إلا وتطرق إليها فصورة الولد التي تجسدت في مخيلته تركت أثرا عميقا في نفسيته وهو المعروف عنه أنه يملك قلبا مرهفا و نفسية غنية بالإنسانية فملاحظته عن رؤية كيفية نوم الولد جعلت أحاسيسه الجياشة و المنادية أبدا بحقوق الإنسان فكيف يعقل لولد بريء أن ينام على جدران داره كأنما يسترق السمع ويتنصت لمعانات أفراد أسرته من الشقاء والأمراض النفسية و العضوية ،نائما رغم عنه من شدة التعب وعدم التحمل والأجواء الغير الملائمة يحلم بمستقبل زاهر خال من المشاكل والمتاعب ،يحلم بغد أفضل ينسيه جبروت الجبابرة الطواغيت المتربعين على عرش نعيم الوطن ، نائمون على أرائك الجشع غير مبالين بالفقراء والمقهورين والمحرومين ،هنا أبى الشاعر إلى أن يثير انتباه الأغنياء و المسؤولين عن الصورة النموذجية التي تقع وراء الجدران للكادحين و المعوزين بعد أن أدوا رسالتهم العملية بإخلاص فهو في الغالب يسقط تعبانا منهكا غلبه الضجر و النوم من أجل أن ينعم العظماء لوحدهم ناسين أو متجاهلين لحقوق الطبقة الشغيلة التي تخدم الوطن بتفاني و حب ووفاء وإخلاص. 


(( ابشر خيرا يا ولدي ..!!
عظماؤنا على العرش ، نائمون
وأنت يا ولدي تضع رأسك على الجدار
تعلم الفقراء من شدة الظلم كيف ينامون )) .

هنا الشاعر أبى إلا أن يستعمل المتناقضات ليعلن لنا أن الولد الذي ينتمي إلى عالم الفقر والعوز لا يهتم بالأوضاع والوقائع فكل الأشياء متشابهة عنده مثل الليل والنهار مثل الكساء والعراء مثل الجوع والأكل مثل العطش والارتواء فما البشارة والفرح بسقوط البيت فكيف يعقل الفرح بقرب سقوط المسكن ربما الشاعر يقول لنا أن العيش في الأكواخ أهون من العيش في القصور ،ولبس بقايا الملابس أرحم من الاكتساء بأخر صيحات الموضة حيث يحتار العقل في الاختيار ، فهنا الشاعر يود أن يضعنا في الأمر الواقع بأن الحياة البدائية  العفوية تسودها الطمأنينة والسعادة بفضل ” الأخلاق ” أفضل بكثير من الحياة الحالية حيث يطغى عليها ” الماديات ” من الجشع والطمع وحب الذات الغير طبيعي وهو صراع حقيقي بين الأخلاق والماديات .فكل مسارات الفقراء تتسم بكثرة الحواجز وكثافة الحفر وشدة الأسلاك فحياة الفقراء مليئة بالمشاكل والمعيقات بينما شوارع الأغنياء هي جنان ونعيم ورفاهيةوهذا لا يعني كره وحقد على الغني لا ولكن وجود العدل الاجتماعي يضع كل شيء في مكانه الحقيقي . 


(( ابشر خيرا يا ولدي ..!!
بيتك آيل للسقوط
والملوك في صروحهم بالجنان ، يتنزهون
ابشر خيرا يا ولدي ..!! 
تلبس بقايا الناس
وهم في حيرة مما يلبسون
شوارعك أرصفتك يا ولدي
بالحواجز والأسلاك مزينة
وشوارعهم كالمرمر عليها يمشون )) .


الشاعر يملك فكرا وقلبا وإحساسا مرهفا ، أحس بمعانات الولد فقال له أن يكف عن البكاء والنحيب رغم أنه لم يبع أي شيء فالفقراء سيدخلون الجنة بما عملوا من خير للوطن والإنسانية فهم أناس مكافحين مجاهدين يقتاتون من عرق جبينهم يملكون أخلاقا حميدة بعيدا عن الطمع والجشع حاملين لهموم الإنسانية السمحاء  ويعتبرون أول المضحين وأخر المستفيدين إن كانت هناك إفادة ،أما هؤلاء المستبدين والجبابرة فمصيرهم مجهول وكيفية عذابهم من الأشياء الخفية لا يعلم بها سوى رب العالمين. 


(( لا تبك يا ولدي إن لم تبع شيئا
الفقراء يدخلون الجنة
وهم …. !! لا ادري أين يدخلون
تحمل هموم الحياة يا ولدي )) .


الولد كالورد اليانع في مقتبل العمر يبيع ما رزق به ليحيى و يرسم الابتسامة في ثغور أناس أحبهم أما هؤلاء الجبابرة يحملون نارا في أيديهم يحرقون الجمال و يكوون الحياة بلهيب الجشع و الطمع فقد باعوا الأخلاق والضمائر والوطن والإنسان ، يتساءل الشاعر هل هناك بقايا للبيع لم يستطع إدراكه بعقله الطاهر، فالحيرة والسؤال أذهب مضجعه فكيف نبني الوطن والكل يقتات من التسول فلا المدارس قامت بمهمتها ولا المثقفين و الكتاب طرحوا وناقشوا معضلة الوطن الذي يموت و يفنى تحت براثين حثالة من الناس من جبابرة ومستبدين و ظلمة و سفلة ، وغياب العدالة التي تترك فوضى في المجتمع، هذا جرح عميق من يداويه ..؟ من ينقذ الإنسانية ..؟ من ينقذ الولد ..؟ من يبني الوطن ..؟ فالألم والوجع انساب للأعماق فهل من منقذ يرجع الابتسامة والإنسانية.


(( وأنت كالورد اليانع
آه وآه مما سيحملون
ماذا تبيع يا ولدي لتحيى
وهم أحياء ماذا يبيعون ..؟
أين مدرستك يا ولدي
أين دفاترك وكتبك وشهادتك
أين أقلامك مما يكتبون ..؟
الوطن ينتظر من يبنيه
كيف نبني الوطن وكلنا متسولون ..؟
الجرح عميق يا ولدي )) .


الشاعر عصمت شاهين دوسكي ختم قصيدته بأية من الذكر الحكيم 《 وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون》فكل مخالفة يقع فيها العبد ،وكل انحراف منه عن منهج الله تعالى فإنما ضرر ذلك عليه هو. وكل إنسان له من الشقاء وضنك العيش والبؤس بقدر انحرافه عن منهج الله، وبقدر مخالفته لأمر الله تعالى.
ثم ذكر الشاعر كلمة ” الماعون ” فسورة الماعون من سور القرآن الكريم تحمل مضامين عديدة وهي رسالة للجاحدين هؤلاء الذين يكذبون باليوم الآخر بأنهم لا يُؤتون اليتامى حقوقهم ولا يفعلون الخير لهم ويزجرونهم، كما يبخلون بإطعام الطعام، كما يمنعون الزكاة.
فلابد للإيمان أن يستقر في القلب، وإذا تحرك الإيمان يدفع الإنسان للقيام بالعمل الصالح وبذلك يمتلئ الماعون من جديد.


((《وما ظلمناهم ولكن 
كانوا أنفسهم يظلمون》 
ماذا تبيع يا ولدي 
إن لم يمتلأ 
في النهاية أي ماعون ..؟ )) .

الشاعر عصمت شاهين دوسكي يضعنا جميعا أمام الإنسانية المعذبة التي ربما نكاد ننساها ونحن في ظل مشاغل وتناقضات الحياة وضغوطاتها المستمرة ،وهي رسالة مفتوحة أمام المعنيين أمام العدل والتربية والرعاية الاجتماعية فالبلد لا يبنى إلا بوجود الإنسان ويجب مراعاة حالة الإنسان من بداية طفولته ،وليست حقوق الطفل والإنسان مجرد شعارات نتباهى بها في المحافل والمناسبات ، فالبدايات السليمة للإنسان تبني وطنا سليما .


شعر

من فيض الندوب/ العربي الحميدي ـــ المغرب

أبحث عني في وطني …

لم أجد سوى جسدي

أبكي روحا

تتدحرج على الرفات

حطب النوابت

يئن / يحبو

بين أمواج الصرخات

وهن الرضيع

في جوف شعاب العتمات

(…)

الحلم آهات

تتدلى عروشها

من مشكاة العبرات

أطيافا

لون سراب

البحيرات لميتات

(…)

اشتكي سهر

حفيف أوراق معلقة

على اخراص الدموع الموات

اليأس يغطي

وجه السدم المغبرات

يعجل موت الوجد

وحَجْب سمع الآهات

(…)

القدر بلاء

وقدري هسيس

فَنَاء يتوالد كالشذرات

(…)

أحببت البعد

من فيض الندوب

هاربا من شظايا الأمنيات

وخبايا

موكب كذب الكلمات

(…)

في موطني

أفارق روحي عند كل مغيب

أمام برج موت المواقيت

شاحب الرؤى

في عزلة الأضواء الخافتات

(…)

موطن

فيه

الروح والموت يتوحدان

تنط أيامهما

فوق الوعود المضحكات

(…)

فقع الكذب

غربان صاعدات

تخفيها المعاني

بين هدال الحروف المكسيات

(…)

في موطني

أبحث عني

أجد خرابا فرت منه الحمائم

والصمت يسكن الحجرات

//

في موطني

غمام الأزمنة أملس

عديم البصمات

الفقر فيه

يمضي / يرجع

جديده نفس التصورات.

شعر

مقاتلون جدد/ شعر فتحي مهذب ــــ تونس

لم نيأس يا سبارتكوس..
نحمل صخرة سيزيف بأسناننا
ونقاتل ذئابا شرسة في دهليز المعنى..
أضدادا تغرد فوق شجرة الرأس..
فراغا أشيب بزئير حوشي..
يطاردنا حطاب بفأس
وغناء قروي جارح..
يطاردنا دب نهب معطف قس
من كنيسة مهجورة..
يطاردنا طيار
بمروحية ضحوكة
في بهو صغير لاستقبال
عربات النوم
وصناديق الأموات…
كان مطر يهذي..
يعدو مثل لص
بسيقان مرتبكة..
حياني ومضى..
رأيت ذيله مقطوعا
وعلى ياقته كلمات مسمارية..
في الأسفل
افترسته بركة عبثية
ملآى بأضابير الجريمة
ترتادها تماسيح مريضة
هاربة من مصحة..
أقزام يأكلون ذكريات مملحة..
يشربون ماء من غلاصم الغرقى..
ناداني بلبل سكران..
لا يصحو مثلي أبدا..
فر من مخالب تايمورلنك..
قتلوا صديقته في آذار..
رموا قصائده بالهرطقة..
لم يك ثمة قصف
في المنحدر الثلجي..
ثمة قبعات جنود قضوا
فوق صدري..
ثمة حصان 
نجا من زلزال في حديقة رأسي..
لكن لماذا لم يزل يحبو
وعيناه زائغتان..?
حاورني لوقيانوس السميساطي..
ينام أول الليل في كتاب قديم..
– ألك صغار?
– فروا
– الى أين..?
– لا أدري..
– ربما عادوا الى كهفي القديم..
– ربما ابتلعتهم  غيمة
– تسعل باستمرار..
– ربما سقطوا في هاوية اللاوعي..
أو طاردهم نمر أسود بهراوة..
– ألك بيت ?
لا- 
-أين تقيم?
– في قصيدة..
على حافة جرف هائل..
ترافقني ذكريات مريرة..
– ألك زوجة?
– اختفت في آذار
أيام الثورة..
– هربت في غواصة
باتجاه النهاوند..
– ألك أصدقاء? 
– لي ثعابين جيدة
تزورني كل يوم..
في حانة قديمة.

شعر

أنا بلا عمل / شعر عصمت شاهين دوسكي ـــ العراق

أنا بلا عمل

فهل هناك أمل  ..؟

نافذة تطل على الجراح

وصوت يخرج من بين الطُلل

حيرة ، تيه ، وسراب

لمن ألجأ وأسأل ..؟

غيوم في سمائي

طرقت الأبواب بلا مَلَل

أين أبحث عن نور

أين أبحث عن يد ترفع راية العدل ..؟

 كيف الخلاص من الظمأ ..؟

لمن أشتكي بلا وَجَل ..؟

*********

أنا بلا عمل

هل أسرق أم أقتل ..؟

هل أبحث عن وصلة

أفرشها قرب باب مسجد من هب وصل ..؟

وينظرون  بعين بلا رحمة

ويمرون ، يميلون ، كالمبتذل

فتعز نفسي وأبكي بصمت

ودموعي تهل وتهل

*********

أنا بلا عمل

هل أخطف واطلب جزية

أم أهاجر بلا جواز يستدل

هناك الإنسانية كالشمس

تشرق بلا خوف على كلٍ منزل

هناك الحق يُعلى ولا يعلى عليه

والكرم أنت موجود

لا غائب وأنت بين الأهل

يحجون ، يعتمرون ، يرمون الشيطان

ثم يسرقون الميراث

يوزعون بينهم حصة الغُلَل

يبكون على سجادة صلاة

ويل لمن صل ولم يصل 

**********

أنا بلا عمل

والردى يقتنص الفرص والأجل

لماذا تقتلون الحلم ..؟

لماذا تغلقون الأبواب بوجه الأمل ..؟

لماذا الكراسي أهم من البشر ..؟

لماذا المظاهر ، هي الأخر والأول ..؟

لماذا تبيعون الضمير

من أجل حفنة دولارات وأجل ..؟

وتكتبون على القصور

” هذا من فضل ربي “

والله بريء من هذا العمل

************

أنا بلا عمل

أين حقي من تدعون حقوق الإنسان

وتتاجرون بها في كل محتفل ..؟

كلكم مسؤولون يوم ناكر ونكير

فهل حضرتم حقوق البشر

بين هل .. وهل ..؟

طرقت باب القادة والكادر والمسؤول

وعود ، ابتسامات ، تأمل

وحينما طرقت باب الله

ربحت السُبُل

**************

أنا بلا عمل

في جعبتي الحب والجمال

والسلام في حروفي أجمل

في صدري ورودا وأزهارا

وفراشات تحمل رحيق العسل

في خاطري شلالات إبداع

ونساء وملكات حُلٍلْن بلا حُلَل

في وطني بسطاء

بلا نفاق وشقاق ومنعزل

لا أركض وراء شهادة ورقية

أنا الشهادة ، أنا الهوية ، أنا الأجمل

فهل تبحث لي عن عمل أم أحمل وطني وأرحل ..؟

شعر

الأذانُ الأخير / شعر يسري الخطيب


((كم تركوا من جناتٍ وعيون
والفراديسُ تحت السنابكْ
والعادياتُ تبصُّ على نافذاتِ المساءْ
يطلُّ الزمانُ بوجهٍ جديدٍ
فتبكي السَّـمَا
تُزمِّلُ وجهَ الزمانِ الدِّما
تضاجعُ أرضُ الوضوءِ الغـُزاة َ
وتشري المآذنَ
والمورياتِ
ومريمَ…
والنورَ…
والمائدة ْ.
*****
تُمزّقُ جِلبابَهَا الخارطاتْ
وتهدي إلى الخَـتْلِ كل السماتْ(1)
فتعـوي الجرابيعُ في كل حدبْ
ألـلـدُورِ رَبْ.’ ؟
*********
ويخرجُ هذا الصغيرُ (2)
الأميرْ
يُقطـِّرُ خديَّ وجهِ المدينةْ
يلملمُ أحبالَ كلِّ التخومِ
لتلقفَ ما صنَّعوه الغُزاهْ
وأين الرُّماهْ ؟
أنبكي على (وطَنٍ) لم نصنهُ
أم الـ “كان” – لا – سيّدي لم نكنهُ
ويرسو على الشطِ “تابوتُ موسى”
يهزُّ جذوعَ جذوعِ النخيلْ
يُقطِّعُ أطرافَ طيفِ اليبابْ
ويعدو إلى المُزْنِ فوق السحابْ
وسيفٌ على الأرضِ بين الحنايا
يُنشِّقُ أنسامَ ليلِ الرُّكامْ
وكأسُ الحِمامْ
يُـريّـشُ في الريحِ كي لا تنامْ
فأين الرماةُ ؟
وأين الإمامْ ؟
*********
يسافرُ في مُقلَتينَا رمادْ
وتمضي جيادٌ
وتأتي جيادْ
وفي بُــؤبُــؤِ العينِ لونُ الحِداد.

هامش:

(1)الختل : الخداع.

. (2)الصغير: أبو عبد الله بن الصغير ، آخر ملوك الأندلس المسلمين * رئيس القسم الثقافي بموقع “الأمّة” الإسلامي الدولي.

إصدارات

الأديب الأردني جميل قموه يُصدر” ليت للزمن لسانا”

عمّان-

كثيرة هي القصص الجميلة، التي تعبّر عن مواقف إنسانية متنوعة، قد تكون درامية مؤثرة، أو واقعية، أو ساخرة، أو حتى تخالط الخيال، نمر عنها ولا ندوّنها، فتضيع، ونخسرها.

الكاتب جميل قموه لم يتمنّ لو يكون للزمن لساناً حتى ينقل لنا تلك القصص، بل تحول هو إلى لسان  حال الزمن فيحدثنا عن قصص عاشها وخبرها في الحياة في مجموعته القصصية الموسومة بـ” ليت للزمن لسانا” الصادرة مؤخرا عن “الآن ناشرون وموزعون” في عمّان في مئتي صفحة من القطع الوسط.

 يعبّر الكاتب عن رؤيته للقصص والحكايات  التي تحدث كل يوم في المقدمة القصيرة التي كتبها لمجموعته القصصية، يقول: “وما يتقنه السارد أو الحكواتي من سرد وحكايات قد يلتقطها كاتب ويجعل منها رواية مكتوبة ومُحكمة بعد أن كانت تُتلى شفاهاً، والفرق في ذلك أن ما هو شفاهة قد ينتهي بزمن قصير ويزول، وما هو كتابة قد يدوم إلى أبد الدهور، والزمن ليس له لسان ليحكي لنا حكاياته المفرحة أو المحزنة، هم الكُتاب، الأدباء، الشعراء المُفكرون، المبدعون والمبتكرون هم مَن يُدونون تطورات وأحداث الزمن”

تتضمن القصص أكثر من مستوى وشكل سردي، فنجد السرد التقريري:” هذا الالتزام يترتب عليه إعادة جدولة برنامج العائلة إلى حد ما، التزام لا مفر منه وإلا تخليت عن الناس والمجاملات وتخلى الناس عنك، بالمفهوم الشعبي، المسألة دَيْن وسداد”

والسرد الحكائي: ” كانت ليلة ليلاء، فيها الفرح والطرب والكل يريد أن يتقرب من العريس وأهله، وأنا بطبعي لا أميل إلى المجاملات الزائدة عن حدها الطبيعي، فهي تتحول بقدرة قادر إلى حالة من النفاق، ولكن الكثيرين يُتقنون هذه الصنعة ويتفننون في تلقيط وتعظيم كلمات الفرح والمدح ويُشعِرون الناس بأنهم على ذات المستوى، وأنهم يُشكلون حالة واحدة مع أهل الفرح والقرب من العريس وأهل العريس، ويتطوع بعضهم إلى إطلاق الأعيرة النارية بالمسدسات والكلاشنكوفات، وما على الإنسان إلا القول: «الله يديم الفرح وربنا يستر».

أو” سعيد متزوج من بسمة، اسمان يفوحان برائحة الانشراح والسعادة، يغمران السامع لهما براحة البال والهناء، يقول البعض إن ما جمع هذين الاسمين وصاحبَيْهما لم يكن من توارد الصدف، فالكتاب يُقرأ من عنوانه، والسعادة عنوانهما، ولكن البعض الآخر يقول المثل الشعبي: «لا تحمد (لا تمدح) إلا أول بأول»، فتجارب الدهر لا تؤمِّن للزمن”

“والسرد الفني”:” سار كل شيء على ما يرام، الابتسامات على الوجوه، الفرح معلق بين العيون، الزغاريد تلعلع وتندفع إلى الفضاء كاندفاع موجات البركة التي أسقط فيها صخرة كبيرة، والشباب والصبايا يُبدون حيوية متناهية في الغناء والرقص، أصوات النساء منغومة، ناعمة، ثرية، قوة الإيقاع تطغى على كل الأصوات، إيقاعات قديمة تغلبت على الحديثة والحداثة، دافعة به إلى ماضٍ يستحيل استعادته، لا أحد يتكلم مع الآخر، لا يسمعه أحد حتى لو تكلم. انساقت العيون والآذان إلى مَن يغنون ويتراقصون ومَن يصفق لهم بعد كل وجبة، طلقات الرصاص تصم الآذان ولكن لا أحد يعترض، بل علامات الفرح تبدو على الوجوه بابتسامات عريضة وخاصة بعد أن يتلو ذلك زغرودة من صَبية مكتنزة تعطي الزغرودة حقها من القوة والاندفاع، تنطلق بعدها كلمات الإعجاب بالمزغرداتية، وفي الأفراح توجه للمزغرتاية (من زغروتة) دعوة خاصة، فلها قيمة إضافية ومعاملة خاصة من أهل الفرح على بقية المدعوين.”.

ومما هو ملفت في قصص جميل قموه هو كثر استخدامه للأمثال الشعبية والعبارات الدارجة، وأحيانا كثيرة يلجأ إلى الحوار باللهجة المحكية، نوعا من التأكيد على أن هذه القصص إن هي إلا قصص من الواقع، وتنتمي للبيئة الأردنية بالتحديد، وأنها ليست من نسج الخيال. بمعنى أنه يود أن يعطيها بعدا واقعيا أكثر. ففي قصة واحدة نجد هذا الكم من الأمثال الشعبية والتعابير الدارجة:”يا مستعجل وقف لأقلك”، رب يسر ولا تعسر، دربك خضرا، مهره اخاك لا بطل، ما اقبان إلى جهتي،مطول باله على الأخير، حيطه واطي، إنسان هني، الماعون الواسع، أنت ملبس على لوز، شايف حاله، علّي كتافك، يتهبّل علي، الناس تتبهور…”

وهذا ما  يعطي الحكايات بعدا شعبيا إضافيا، وقد يكون المثل موحيا للقصة، فالمثل الشعبي” لابس اللي على الحبل، بس أعور” الذي ختم به الكاتب قصته المطولة” مواجهة غير سارة”، قد يكون هو ما أوحى للكاتب قصته، التي تدور عن مفارقة ساخرة عن رجل يذهب إلى حفل زفاف رضوخًا لرغبات الأسرة، وتحت ضغط الاستعجال، ليكتشف أن أناقته التي كان يعتد بها كانت ناقصة، مثيرة للضحك، إذ كان ينتعل فردتي حذاء مختلفتين.

ونجد لدى الكاتب بعض أشكال المثاقفة مع التراث فهو يقول مثلا مثل : وقادونا كما يقاد قطيع الغنم بالحمار والمارع،  فالمارع هو الكبش الذي يقود قطيع الغنم، لكن قلة من الناس التي تعرف هذا الاسم اليوم. والمثاقفة مع التراث العربي، كأن يستخدم أبياتا شعرية:

ألا لا يَجْهَلَنْ أحدٌ علينا
فنجهلُ فوقَ جهلِ الجاهلينا

يذكر أن الكاتب من مواليد مدينة السلط /الأردن، حصل على شهادة الليسانس في القانون من جامعة دمشق سنة 1969، عمل مديرا لمديرية الاستثمار في وزارة الصناعة والتجارة، ثم مديرا لمديرية التجارة، فمستشارا تجاريا في السفارة الأردنية بالقاهرة، ومديرا للمركز التجاري الأردني فيها. وهو عضو نقابة المحامين، وكان محميا مزاولا في الفترة (1997-2017)، وهو عضو رابطة الكتاب الأردنيين، وله عدد من المؤلفات الأدبية وغير الأدبية، منها: “الطيبون والأشرار”، مجموعة قصصية، 2014، و”تجارب الزمن”، مجموعة قصص وخواطر، 2014، و”مفاتيح صغيرة لمواضيع كبيرة”، قصص وخواطر، 2015، و”أوراق رجل مغمور”، رواية، 2015، و”آراء وتوجهات حرة”، مجموعة مقالات في السياسة والاقتصاد والإدارة، 2017، و”فلسفة خارج الإطار”، فكر، الآن ناشرون وموزعون، 2019، و”مبادئ الاستثمار وتطبيقاته”،  الآن ناشرون وموزعون، 2019.

مقالات

مسرور البرزاني: الرجل المناسب في المكان المناسب/ عصمت شاهين دوسكي ـــ العراق

ولادة الدول الراقية ليس سهلا وليس عسيرا في نفس الوقت خاصة من أرض خرجت من معاناتها ومآسيها الكثيرة على مر الزمن فولادة حكومة كوردسان شابة ناضجة بتكليف الأستاذ ( مسرور بارزاني ) تبشر أكثر خيرا على الصعيد المحلي والدولي والعالمي في ولادة حكومة إقليم كوردستان فإنها لن تكن كسابقاتها فبقاء الحال من المحال والتغيير مهم في ظهور دماء شابة وكفاءات جديدة لتحقق الأهداف والأحلام ومعالجة التناقضات والعقبات والأزمات والمشاكل في رؤية إنسانية حضارية وإيجاد آليات جديدة لتحقيقها ، بما يخدم المجتمع فالجهل والفساد الإداري والمالي والركود الثقافي وقلة فرص العمل والخدمات في كافة المجالات ، فالكفاءات المبدعة المخلصة تلجأ لأوربا خارج كوردستان لعدم وجود فرص عمل وضعف العدالة الاجتماعية الذي يعكس الغبن لدى الفرد فمهم تحقيق العدالة الاجتماعية ، وكذلك في المجال الاقتصادي والزراعي والسياحي ممكن التعاون مع دول كبلغاريا ورومانيا والدول التي لها إلمام في الزراعة فمثلا لا حصرا دول الخليج يستثمرون ويستوردون حتى التراب من الخارج وكورستنان أرض زراعية وأرضها تساعد في إقامة مشاريع مختلفة كالثروة الحيوانية والزراعية وقطاع السياحة والاقتصاد واستيراد معامل تعليب الفواكه لصنع المربيات والعصائر مثلا فأكثر الفلاحين والمزارعين جرفوا مزارعهم لقلة الواردات وقسم منهم أو معظمهم  تخلوا عن الإنتاج ، والاهتمام بمصادر المياه وتخزين الفائض منه لتكوين بحيرات سياحية وبناء السدود للاستفادة منها  وإن كانت صغيرة ، ودعم الفلاحين والمزارعين المنتجين والاستفادة من الكفاءات المخلصة داخل الإقليم ، فأغلب الكفاءات العاطلة يقضون أوقاتهم المملة في الكافيهات وربما من شدة الضغوطات الحياتية يتناولون الممنوعات ولهذا يجب إصدار قوانين مهمة مشددة على الممنوعات وتناولها ونقلها والتجارة بها . القائد الشاب مسرور برزاني يشهد له النجاح في بسط الأمن والسلام في الإقليم بشهادة الدول العربية والعالمية باتخاذ قرارات صعبة وحاسمة ويسعى للأفضل والمجتمع يتأمل ويترقب تغيير الوجوه التي لا تحرك ساكنا وتشبثهم واستغلالهم لمناصبهم وحماية ورعاية مصالحهم الشخصية التي أعمت بصرهم وبصيرتهم ولم يروا أبعد من أنوفهم ، فالشخص المناسب في المكان المناسب ، رغم صعوبة التغيير لكنه ليس مستحيل ، فالإرادة الشبابية والكفاءة والاستعداد والقوة والتضحية والوفاء والترميم والتصحيح سبل لتحقيق الأهداف والأحلام ، وهذا لا يأتي إلا بشراكة مخلصة منظمة كعمل جماعي جاد همه الإخلاص في العمل وتقديم ما هو أفضل ، يعكس النجاح والتقدم والارتقاء الفكري والعملي والإبداعي على أرض الواقع ، وأتوقع الإقليم يكون صناعيا إن توفرت الجهود الوفية المخلصة مثل جنوب شرق آسيا ماليزيا وسنغافورا وكوريا الجنوبية خاصة الموارد الغنية موجودة والأيدي البشرية الكفاءات موجودة وليس عيبا أن نستعين بالخبراء والكفاءات الأعلى مستوى علميا في كل المجالات كما فعلها المغفور له شيخ زايد في الإمارات حول الإمارات من إمارات بسيطة متواضعة إلى دولة الإمارات الحالية التي ذاع صيتها في العالم وأصبحت قبلة في المجال الصناعي والاقتصادي والسياحي والثقافي والعلمي رغم المناخ القاسي وقلة التربة الصالحة للزراعة حيث تم استيراد تربة زراعية من دول عديدة للمشاريع الزراعية والسياحية ، ونحن نتميز عليهم بأرض أكثر استعدادا للزراعة والسياحة والاقتصاد ونحتاج للعمل لنزرع بذرة التفوق والنجاح ونعمل من أجل إحقاق العدل الاجتماعي وكسب الكفاءات وإيجاد فرص عمل وإقامة المشاريع وبث روح التفاؤل والأمل والحماس والتنافس على الإبداع وتكريم الأفضل وإبعاد الفاشلين والفاسدين والمتطفلين الذين يخلقون أسوارا وحواجز شائكة أمام الناجحين في الإدارة والثقافة والسياسة والاقتصاد والسياحة والزراعة والصحة والتربية والفنون ولا شك الناجح يولد النجاح والمبدع يولد الإبداع والمثقف الأصيل يولد ثقافة أصيلة والمنتج المحلي الوفي يولد إنتاجا محليا يسد حاجة البلد وكل هؤلاء ينتظرون يترقبون تكليفا لمكان مناسب فالرجل المناسب في المكان المناسب لخدمة المجتمع والبلد عامة .

شعر

المعلم : شعر بنعيسى الفاضلي/ المغرب ــ ميسور

    سلام علینا بناة العقول  /  سلاما یفوح بخورا وعود

     فنحن حماة لھذي البلاد  /   ونحن الأمان لكل الحدود

          زرعنا لنا العلم في كل جیل /  سقینا لكم من ثراث الجدود

    تركنا نعیما وجئنا إلیكم   /  لنكسر عنكم رباط القیود

    أنرنا سبیلا لكم في الظلام  /  وكنا مبیدا لجھل یسود

             ركبنا العناء وخضنا الصحاري /   رسمنا طریقا لمجد یعود

فھلا فتحتم إلینا عقولا  /    فإن العلوم لخیر تقود

       سمونا بعز التقى للسماء  /  وردنا الكتاب ونعم الورود

         أنخنا المطایا ببحر عظیم  /  وعذب مزیج بعطر الورود

        ألفنا الجھاد جھاد العقول  /  ونعم الحیاة في ظل الصمود

صمود وصبر لحر الفراق  /  فراق لأھل وأم ودود

       وصبر للیل دجي طویل  /  وسیر الھوام وقصف الرعود

  وقر الشتاء وقذف السماء  /  بحر شدید یذیب الجلود

      وقول اللئام یفت القلوب  /  بطول اغتیاب وعین حسود

       ولسن الأعادي تقض المنام /  وتدمي الفؤاد بقول جحود

   و یأبى الإلھ إھانة قوم  /  بھم عبد الخلق رب الوجود

  فیا قوم إن المعلم حي  /   سیبقى بعلمه طول العقود

    وكیف الممات لقوم عظام /  لھم في البریة حشد شھود

        ألیسوا حذاة لشرع الحبیب   /  المعلم صحبه بذل الجھود

       فطوبى لنا كم حملنا إلیكم  /   تباشیر نصر قریب وفود

              فیدعو لنا الحوت جوف البحار /  وفي البر خلق ونمل حشود

         وقد قیل فینا استغفار الملاك  /  إبان الركوع وعند السجود

  وإنا لھدیك ربي دعاة  /  حفظنا لك العھد منذ المھود

     فشكرا إلھي جعلت الجزاء /  عطاء وفیضا علینا یعود

     وعھدا علینا إخلاص النیات  /  وحسن اتباع لكل البنود

       وصون البلاد بجیل فرید  /    یحب السمو ویأبى الجمود

         یبني الصروح ویحمي الدیار /  وینشئ للوطن خیر الجنود

         یرسي البناء ویسدي الجمیل  /  یصد العداء ویوفي الوعود

      یكون شعاعا یزیل الظلام  /   ولیثا جسورا یھیب الأسود

  فیارب یسر لمن علمونا  /  دروب الفلاح وبر العھود

       وأجزل عطاءك للمخلصین /   ووسع لھم به ضیق اللحود

        وأكرم مثاوي من غاب منھم /  وأدخله فضلا جنان الخلود

        وأنزله قصرا بدیعا جمیلا /    وزوجه حورا ملاح الخدود          

وصل على الحب احمد دوما /   مسیر الزمان و مر العقود .